خطب وأمّ بالمصلين فضيلة الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف ، وبعد الحمد والثناء لله عز وجل والصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم ابتدأ فضيلته الخطبة بقوله : عن عبدالله بن سلام قال: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ المدينة انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ: قد قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، ثَلاثًا، فجِئْتُ فى النَّاسِ لأَنْظرَ، فلمَّا تَبيَّنْتُ وجْههُ عرَفتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فكان أوَّلُ شيْءٍ سمعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ» .
وبين فضيلته أن هذا الحديث عظيم جمع جلال الدين وجمال الإسلام ليؤسس منظومة المجتمع المتآخي الراقي المتكاتف مجتمع العطاء والرحمة والسخاء الذي يتسم بمكارم الأخلاق ونبل المعاملة وهو حديث عميق في معناه قوي في مبناه عظيم في مغزاه يبقى أثره في نفس من سمعه ورواه فيه أعمال تقوي الوشائج وترتقي بسلوك المجتمع وتنميته وتخفف الفقر وتشبع الأمن وتنقي المجتمع من الضغائن والأحقاد ولوثات النفوس .
وأوضح فضيلته : {أفشَو السَلام}؛ إحسَان بالقول، وأطعموا الطعام؛ إحسَان بالفعل وترسَيخ لقيمة البذل والتآلف ، واسَتدعاء لَمعاني الأخوة وحسَن الجوار؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما : أن رجلاً سأل رسول الله ﷺ أي الإسلام خير؟ قال: ( تطعم الطعام، وتَقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف ) ، وإطعَام الطعَام يشَمَل الصَدقَة والهَدية والضيافَة وإطعَام الفقراء ابغَاء وجَه الله تعَالى ، وتزداد الحاجة إليها في أوقات المجاعة وغلا الأسعار .
وبين فضيلته : {وصلوا الأرحام }الأرحام هم كل من تربطك بهم رحم أو قرابة من جهة الأب والأم وحقهم في البذل والعطاء مقدم على اليتامى والفقراء قال تعالى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ }والسخاء عليهم ثواب مضاعف قال عليه الصلاة والسلام ( إن الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة ) ، صلة الرحم بالقول الطيب والوجه النير وتعاهدهم بالزيارة والنصح ومساندة المكروب وعيادة المريض والصفح عن عثراتهم واجتناب الإضرار بهم سواء بالقول أو بالفعل .
وذكر فضيلته : (تدخلو الجنة بسلام) فمن أمضى حياته في طريق السلام والإحسان بإفشاء السلام وإطعام الطعام وصلة الأرحام وقيام الليل فإن الجزاء من جنس العمل قال تعالى {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ }، إن دخول الجنة بسلام هو فضل الله على من صبر على المشقة وصابر على جفاء الناس في كل تعاملاته قال تعالى {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } فصبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه المنازل العالية والجنان الغالية .
واختتم فضيلته بقوله : يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ، حديث عظيم حمل أطيب الكلمات وأجمل المعاني وأعظم الأجور فعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من بطونها وبطونها من ظهورها فقام أعرابي فقال لمن هي يا رسول الله قال من أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام ) .